أعاجيب هذه الحياة أعاجيب ويكمن عجبها كثيراً في أنك وأنت تسير في هذه الحياة سيراً حثيثاً ..غير آبه بما حولك من المناظر وربما متناسياً كثيراً من الواجبات ...وفجأة وفي عرض الطريق يستوقفك صياح الناس ... يشدك أنين تلك العجوز ... يلفت نظرك آهات ذلك الأب .. فتهرع إليهم سائلاً مستوحياً خبرهم ... فتجيبك الدموع وهي تتدفق وتجيبك وهي تنظر نظرة ألم وحسرة ..
يجيبك القلب وهو يقلب أسى الجراح ...كل هذه تقول لك إن جارك وصديقك وقريبك ودعوا هذه الحياة إلى غير رجعة ... فتنتبه في سيرك وتلتفت يمنة وييسرة وتنظر في حطاك وتتعجب أن هذا الإنسان لن تلقاه في هذه الحياة مرة أخرى .....ستتلاشى ذكراه من يوم إلى آخر حتى يصبح المسكين بمثابة الذكريات المنسية ....العجب عندما ترى هذا الإنسان الذي فاجأه الحدث وهاله الموقف .. واستوقفته هذه الدنيا الزهيدة في موقف الوداع .. تجده يلملم شعث نفسه ويصلح سيره ويتوقف كثيراً عن خطوه السابق .. لكن مع مرور الزمن سرعان ماتراه يتراجع إلى الخلف ... سرعان مايعود إلى شطحاته المؤذية ... وذلك لأن الضجيج الذي سمعه والموقف الذي رآه بدأ يتلاشى .. وربما انعدم ...فتجده نسي الدموع المتدفقة ... والمواقف المحزنة .. فتمطى الباطل ونبز بغير الحق ...بل تراه يشير بالعين الخاطئة ويخطوا خطوات جريئة يبقلى أثرها سيئاً على نفسه ..وفجأة يعود الأنين مرة أخرى ..وتنساب الدموع مرة ثانية .. وتزداد صفحات الوجه لوعةً وأسى .. لكن هذه الوهلة تجمعت هذه التعابير على فراق الشخص نفسه الذي أضجه أنين الناس قبل ذلك .. فبكى الناس على فراقه وشكى الصديق أحزانه وبعثر الجارآلامه .. ومع تسارع الأيام يهدأ هؤلاء كلهم عن شكواهم ...وتذهب لوحة الأسى من وجوههم وتتحجر الدموع في أعينهم ...
ليعاودا السير في هذه الحياة من جديد وكأنما أولئك لم يكونوا ...
فتتضح صورة هذه الدنيا الباهتة .. أنها مجرد سراب وأن هؤلاء الناس مهما خلتهم وشدة رباطهم إلا أن الأيام تكسر ذكراهم وتنسيهم أحبابهم حتى هم أنفسهم يعاد عليهم شريط هذه الذكريات ....
فهل لهذه اللحظة المتكررة من وقفة محاسبة ؟؟..
مأخوذة من *رسائل دعوية* لمشعل الفلاحي
منقووووووووووووووووووووووووول